IMG_20170608_1قراءة نقدية في كتاب امرأتنا في الشريعة و المجتمع للطاهر الحداد
إعداد الأستاذة سهام حمودة
يكشف كتاب” امرأتنا في الشريعة و المجتمع ” سنة 19300 للكاتب والمصلح الاجتماعي التونسي الطاهر الحداد عن الضيم الذي تعرضت إليه المرأة التونسية والجهل الذي يلف عالمها في مجتمع ذكوري استعبد أنوثتها وسجن عقلها وروؔض روحها •فدعا بني جنسه إلى أن يردوا إليها حقوقها التي شرعها الإسلام و تعليمها حتى يتسنى لها الخروج إلى الحياة من غيابة الخنوع والهوان أسوة بالمرأة الأوربية •وجدير بالذكر أن العديد من العلماء والمشايخ هاجموا بشدة كتاب الحداد وكان على رأس منتقديه الشيخ محمد الصالح بن مراد الذي ألف كتابا للرد عليه بعنوان “الحداد على امرأة الحداد ” وتوؔج هذا الهجوم بفتوى تكفر الحداد وتطالب حجز الكتاب•
يستهل الكاتب كتابه بتذكير بني جنسه بحقيقة قد نسوها أو قد تناسوها لما تمثله من خطر حقيقي على وجودهم الذي يستمد قوته من طمسها ألا وهي أن المرأة هي “ٲم الإنسان ” و”نصف الإنسان” وشطر الأمة” • وما تحقيرها إلا تحقير لأنفسهم و ما احترامها إلا احترام لأنفسهم و يأسى الطاهر الحداد لما آل إليه حال المرأة في المجتمع التونسي في تلك الحقبة حيث أنها في نظر المجتمع لم تكن إلا كيانا “منفصلا عن الرجل ” لا شٲن لها في نهوضه أو سقوطه وهو سر خيبة المجتمع التونسي حسب اعتقاد الحداد حتى انه يرسم مقارنة بين حال المرأة في الغرب وحال هذه البائسة في تونس فبينا حرص المجتمع الغربي على تعليم المرأة وتربيتها ومنحها حقها في ممارسة حريتها المدنية واستثمارها لتعود خيرا على منزلها و وطنها حرمت من حقها في تقرير مصيرها ففريق يدعو إلى تربيتها وتعليمها و منحها حقها الشرعي في استثمار حريتها المدنية فتحقق لها فخرا ونصرا في الحياة وفريق آخر يرى أن المدنية العربية صاغها الرجال وان المعرفة التي تحتاجها المرأة هي المعرفة المتعلقة بوظيفتها في المنزل فقط • لهذا على خلافا للدول العربية الأخرى لم تنجح تونس في النهوض بالمرأة و لو بمقدار ذرة في حياتها •

ويعيب طاهر الحداد على المجتمع الذكوري قصر نظرهم فهم لا يرون في المرأة إلا “وعاء لفروجهم” وليس لها من الحقوق شيء كالبهائم ومع ذلك فهو يحدوه الأمل أن إنكار حقوق المرآة سينتهي يوما ما وستهب رياح التغيير الذي لن يستطيعون له ردا لان نهوض المرأة هو نهوض الجميع وهو يستشهد بمثال الحكومات الفرنسية التي تؤمن بقوة تعليم المرأة في نهوض الشعوب لهذا وضعت في أصول برامجها تعليم بنات المسلمين بالمدارس الابتدائية لهن واستنباط طرق أخرى لتغير حياتها إلى الأفضل لهذا هو يرى أن الإصلاح الاجتماعي ضروري بل هو مسالة بقاء أو فناء والإسلام يحث عليه خلافا ما يدعيه عبدة الأوهام والعادات الموروثة الرثة •
وينقسم الكتاب إلى قسمين : القسم التشريعي والقسم الاجتماعي •
استعرض الطاهر حداد في القسم التشريعي الحقوق المدنية التي حبا الإسلام بها المرأة موضحا المكانة المرموقة لها في الإسلام فالنصوص التشريعية أكرمت المرأة خلافا للممارسات الظالمة تجاهها تحت اسم الإسلام أما في القسم الاجتماعي فسعى الطاهر حداد إلى تعرية المجتمع التونسي بالكامل فعدد الانتهاكات التي يمارسها الرجل أبا أو زوجا تعاضدهم في ذلك أحيانا المرأة نفسها في ثوب الأم ضد المرأة فاستعبدوا جسدها وعقلها وروحها ٬يدفعه في ذلك توقه إلى الإصلاح الجذري والنهوض بشعب كامل لا يتحقق إلا بالنهوض بالمرأة ومعاملتها كما شرع الدين الإسلامي وكان الحداد يخاطب المجتمع التونسي أحيانا بشدة وأحيانا أخرى بترغيب فيصور لهم ما سيتمخض عن إصلاح حال المرأة من توفيق للعائلة و للمجتمع بأسره وهو في ذلك يرشدهم كيف يصنعون منها مكسبا وطنيا ثمينا وليس عبئا ثقيلا •
في بداية القسم التشريعي يشرح لنا الكاتب كيف أن الإسلام جاء بأحكام و أخلاق لا عهد للعرب بها وخاصة ما جاء بخصوص المرأة وما كان منه من إثبات في شخصيتها المدنية والاجتماعية آو في حقوقها مزدوجة مع الرجل • فالمرأة ‘ركن للعمران ونصف الرجل في الحياة ‘• إذ كان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يقول “أنا أبو البنات” وجاءت رسالته فأنقذت المرأة من الموت فحرم الإسلام وٲد البنات و أعاد للمرأة اعتبارها ورد إليها حقوقها المدنية المسلوبة ويعدد الطاهر الحداد هذه الحقوق وهي الحق في الشهادة والقضاء٬ أهلية وحق التملك ٬الحق في طيب الحياة٬والحق في الميراث•

ولحماية المرأة والرجل على حد السواء حرم الإسلام الزنا وعده فاحشة وشرع الزواج لان في الزنا تحلل من جميع ما ينشٲ عنه وطريقه الهلاك لما قد يؤدي إليه من ارتكاب جرائم درءا للفضيحة إذا حملت المرأة من الزنا ويجعل المرأة تختاره لكسب لقمة عيشها إذا عجزت عن العمل• ولبشاعة الزنا جعل الإسلام عقابه شديدا فشرع حد الزنا للزاني والزانية مائة جلدة أما المتزوج منهما فحده الرجم بالحجارة ليموت •
وبما انه حرم الزنا شرع الإسلام الزواج وقننه واعتبر العاطفة أول أركانه وحث الزوجين على التعاون على الحياة ليثمر ثمره الطيب في حديقة الحياة كما في الآية ” وجعل بينكم مودة ورحمة” أما الازدواج الطبيعي فغرضه عظيم وهو تعمير الأرض لهذا حث الإسلام الزوج على احترام زوجته و الحنو عليها وحسن معاشرتها •وخلافها لما دأب عليه العرب خوؔل الإسلام للمرأة حقها في اختيار زوجها متى كانت رشيدة حتى أن من الفقهاء من يعطي المرأة الحق في فسخ نكاحها إذا زوجت قبل البلوغ ولم تره صالحا بعد ذلك ويعلم الإسلام الناس أن للمرأة حقوق مماثلة لما عليها من الحقوق للرجل •
أما عن تعدد الزوجات في الإسلام فيرى الطاهر الحداد أنها “سيئة من سيئات الجاهلية” إذ كان العرب يعددون نساءهم بلا حد لاستغلالهن في خدمة الأرض وخدمة البيت وإشباع غرائزهم فجاء الإسلام ليضع حدا أقصى لتعدد الزوجات ثم تدرج إلى اشتراط المساواة والعذل بينهن وجعل الخوف من عدم العدل كتحقيقه•
أما الطلاق فلقد سنه الإسلام إذ تعذر الوفاق ولقد ترك الإسلام حق الطلاق بيد الرجل غير انه منح المرأة الحق في الرجوع للمحكمة وهي تحميها من أي ضرر يلحقها في ذلك أو يقع الطلاق أو يقع الطلاق جبرا على الرجل •ولقد أوسع القران لتدارك الغلط في الطلاق بتيسير الرجعة في مرتين منه فان جاوزها إلى الثالثة وجب عقابه ومنعه منها أن يتزوج منها إلا أن تتزوج بغيره•لهذا نهي الإسلام عن معاملة المرأة بشدة و حث الرجل على حسن معاشرتها لما له من النفوذ الظاهر عليها فيستطيع تأديبها حتى لا يفر منها إلى الطلاق من الوعظ باللسان وحسن فعله إلى الهجر في المضاجع إلى الضرب ولقد فسر بعض العلماء الضرب بأنه رمي طرف الثوب عليها توبيخا لما فعلته وليس ضربها ضربا مبرحا يكسر عظامها •

كما اقر الإسلام تعويضا ماليا في الطلاق الذي يعبر عنه مرة بالفداء ومرة بالإمتاع•يبين القران انه إن كان الطلاق طلبا من احدها دون الأخر من غير وجه شرعي فان كانت المرأة كان لزوجها أن رضي اخذ الفداء من متاعها في البيت وهو ما يعبر عنه الفقهاء بالخلع وان كان الرجل فعليه الإمتاع لها سواء دخل بها أو قبل البناء كما قرر القران أيضا لغير المدخول بها نصف الصداق•
وينتهي الطاهر حداد في نهاية القسم الشرعي إلى أن النصوص الشرعية الإسلامية تزخر بكنوز من حقوق وحريات المرأة التي غبنوها إياها وان الإسلام في سعيه إلى الإصلاح يؤكد على ضرورة احترام هذه الحقوق ففي الإسلام كل عباد الله سواء وجزاءهم مناط بإعمالهم دون أن يستثني فيذلك النساء من الرجال كما في الآية “لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم “•

القسم الاجتماعي
ينتقل بعد ذلك الكاتب إلى القسم الاجتماعي الذي عنونه “كيف نثقف الفتاة لتكون زوجا فأما” و يستعرض في الجزء الأول من هذا القسم الثقافات التي نهلتها الفتاة التونسية في تلك الحقبة من أمهاتهن أو من الموروث العتيق• إذ كان الأهل يأخذون الفتيات الصغيرات إلى معلمات في المدن يتمرن فيما تعمل الخياطة والتطريز مقابل ثمن بخس فيتهيآن لسن الزواج فتصنع الفتاة جهاز منزلها وثياب عرسها بنفسها أما إذا كانت فقيرة فتساعد أهلها وتسدد حاجاتها للزواج وتقوم الأمهات أيضا بتعليم بناتهن صناعة النسيج التي تعد أوفر ربحا لمن يكتسب منها تساهم النسوة بهذا العمل في مصاريف البيت في حين يتلهي الرجال باللعب بالحصاة و النواة و الحديث الفارغ أما في البوادي فيشتغل النساء في الحرث و شؤون الزراعة في مزارع المعمرين و الأجانب مع أبائهن و أزواجهن الذين ينفقون ما تجنيه في شرب “التاي” والخمور وسائر المخدرات وعندما يشتد الضنك بها تضطر للعمل كخادمة في البيوت •
إلى جانب الثقافة الصناعية تدرب الأمهات بناتهن على القيام بشؤون المنزل من طهي وغسل وتنظيف ومع ذلك فالبيت يضل في أسوء حال من الفوضى لعدم تطور فهم المرأة في إدارة المنزل وإدخال البهجة عليه لما تعتمده من موروث جامد في ثقافتها المنزلية ويشير الكاتب إلى أن شؤون المنزل في البوادي اشق فالمرأة تحتطب من الغابة وتستقي من الآبار وتدي رحاها لتطحن الحبوب لإحضار الطعام وبينما هي في كد ومشقة يكون الرجل في المقهى أو ما يعبر عنه ب’الكنتية’ مع رفاقه يتلهى بشرب ا”التاي” و الخمر •ومع ذلك فان نساء الباديات أكثر طاعة من نساء الحضر لقسوة الرجال بطباع البداوة •
أما عن العقل زينة المرأة فيتم حشوه بالأوهام والخرافات فيطمسون بصيرتها كالإيمان بالغول و نفع التمائم أما عن الثقافة الأخلاقية فيرى الكاتب أن اعتماد الأهل وسائل الشدة والعقاب كوسائل تهذيب يبعد الأطفال عن إدراك الفضيلة ويزيد في ارتياعهم وتدعيم أخلاق الضعف والهزيمة أمام من يرهبون والعنف و القسوة على من يستضعفون أما في غرس خلق الحياء الشديد في الفتاة فقد اتلف ثقتها بنفسها فضعفت و خبت ذاتها واختفت في العدم حتى أنها ترتاع لأي حدث بسيط لسذاجتها و بعدها عن الحياة فلا سلاح لها إلا البكاء• كما يصور للمرأة أن الرجل جبار يتسلط بقوته على المرأة ويصور للرجال مكر النساء وكيدهن في الاستيلاء على الرجل وجعله طوع بنانهم فتلجٲ المرأة للدجالين لترويض زوجها بسحر قد يتلف عقله ويعود ذلك لما ورثاه من ثقافة زوجية سقيمة أما الصحة فلا تعرف عن الفتاة عن قواعدها شيئا فإذا أصاب طفلها مرضا استنجدت بوصفات العجائز السحرية فتعجل بموت المريض إضافة إلى جهلها بالنظافة وفوائد الرياضة البدنية لها و في نمو أطفالها بل إنها تحاول قتل نشاطهم بالضرب و القسوة فتنشئ بذلك جيلا خامدا خاملا •

أما عن الزواج فيخبرنا الحداد أن الفتاة كانت تزف إلى بيت زوجها الذي اختاروه أهلها مذهولة فيباغتها القدر إما بزوج دميم أو طاعن في السن فتذبل أو تعبر عن سخطها بإهمال بيتها فتوضع في معهد زجري يسمى’ دار جواد ‘ لتأديبها فيضيق عليها في طعامها وكسائها ولا تباح زيارتها إلا بإذن ومشقة حتى تثوب إلى رشدها فالإكراه و الجبر هما ما يسوسان حياة المرأة وإذا أراد الزوج الطلاق فهو ميسر له ولا يعوض لمطلقته ويتم خروجها من المنزل بالإكراه و يعود تسرع العائلات في تزويج أطفالها دون سن الرشد من الكبير ومن المسن وهن لا يميزن بين الخير و الشر وبين الجد والهزل إلى إيمانهم أن في بقاء الفتاة في البيت حتى تبلغ سن الرشد قد يدفعها إلى ارتكاب الرذائل فتسيء لسمعة العائلة لهذا يختارون لها زوجا لا ترغب به فينتهي الزواج في كثير من الأحيان إلى طلاقهما أو الزواج من ثانية والمرأة في ذلك لا حول لها ولا قوة لها يفعل بها ما تملي عليهم أنانيتهم وشهواتهم •
أما تعدد الزوجات فيرى الطاهر الحداد أنها ظاهرة شهوة فأبناء المعددين للزوجات فالأب غارق في لذته لا يشعر بواجبه تجاهه أبنائه فينمو فيهم بغض لهم وحب الانتقام منهم وهناك من النسوة من يخفن “ضرة” فيمعن في المصاريف فتخرب بيت زوجها فتعيش في فاقة معه أو تلجا إلى الدجالين لسحره فلا يتزوج عليها •كما يفضح الحداد في هذا الجزء من الكتاب ظاهرة ” المتذوقين” وهم الذين يأخذون من كل شيء أحسنه ويتزوجون لمتعة واللذة بحساب الأشهر •
وليوقظ في الناس الحس بالمسؤولية تجاه المرأة وتدارك ما اقترفوه ضدها من انتهاك لحقوقها يصور الحداد مشاهد البؤس الاجتماعي في العائلة والمجتمع والذي يؤمن انه نتيجة لاستعباد واستبعاد المرأة • فلو أن المرأة الصناعية مثلا والتي كانت تعمل في صناعة النسيج والحرير آنذاك اكتسبت علما وثقافة يساعداها في تطوير تلك الصناعات لساهمت في تقدم المجتمع التونسي •ويصور الكاتب أيضا في القسم الاجتماعي تأثر الشعب التونسي بالحضارة الأوربية التي جلبها معه الاستعمار الفرنسي ويرى الحداد أن تاريخ التطور الحديث في الشرق يرجع إلى تاريخ اتصاله بالمدنية الغربية الحاضرة فالمغلوب يميل إلى تقليد الغالب في زيه وأساليب عيشه التي يراها مصدر خير فينزع عنه رداءه البالي القذر وهذا الاتصال قائم على محض الرغبة في نهب التسلية من حياة ميتة ومن اجل ذلك انحصر عملنا في استهلاك المال للاستمتاع بمواد الحضارة الغربية فانتشر الفقر ومنينا بالخيبة والفشل •هذا في المدن أما في البوادي فترك الأهل أراضيهم وانتقلوا للعيش في المدن وهكذا اشتركت كل الطبقات في إفلاس البلاد أما المرأة فاندفعت بقوة في طلب اللذة فثارت وتمردت وأهملت منزلها ولم تعد قانعة بالحياة التي تحياها تنشد الترف والبذخ أما الرجل لم يتحمل راتبه الزهيد و تحمل مصاريف زوجته فخير البطالة على العمل باجر زهيد أو الفرار من المنزل الذي كان يجده دائما مهملا و غير مرتب لهذا فضل الأزواج ارتياد المطاعم الفاخرة فرادى ومجتمعين للتمتع بالجمال تاركين المرأة تتخبط في بؤس العائلة و لا يدفعه الرجوع إلى البيت إلا النوم أو حاجة بشرية •

لفت الطاهر الحداد أيضا إلى ظاهرة الزواج من الأجنبيات التي تزيد من وضع الفتاة سوءا إذ يجد الرجل في الأوربيات ما لا يجد في المرأة التونسية من ذوق ومعرفة وحسن تدبير وأناقة ولكن تهذيب الأوربيات و لكن ثقافتهن لم تهيأن بها للاندماج في عائلاتنا فينتج عم هذه الزيجات الطلاق •
ولقد دفع نفور الزوج من البيت المرأة إلى اكتشاف الحياة التي خارج أسوار منزلها والتي أخذت منها زوجها نهارا وليلا فلم تر إلا الحياة السافرة وانهماك في لذؔاتها و الهتاف البالغ لكل مستحدث في الوسطي الأوربي من الأزياء والأشكال وانساقت في هذا تيار التطور الجارف وتطورها مرجعه تعلمها في المدارس الحكومية اختلاطها بالمعلمات الفرنسيات وزيارة منازلهن ورؤية ما فيها من زينة وترتيب ومشاهدة الحياة العامة في الطرقات و قراءة الروايات الفرنسية والذهاب إلى السينما و المسرح•لقد كان تيارا اجتماعيا لا مرد له تاهت فيه لما وجدت فيه من تسلية ومتعة ووفقا لتطور النفسية الشاملة للرجال دون أي نظر في تهذيبها أو صقلها •
يتناول الحداد أيضا مسالة خطيرة وهي الحجاب و استغلاله من قبل الرجل لاستبعاد المرأة من الحياة العامة •يعد الحجاب رخصة المرأة للخروج من المنزل وهو لها حصانة اجتماعية من الوقوع في السوء أما الرجال فانصرفوا إلى حياة اللهو والمجون وما جرهم إلى ذلك إلا انفرادهم بأنفسهم في احتجاب المرأة وعزلتها عن رؤية هذه الحياة الماجنة ولقد حرم الحجاب المرأة من التعلم وحقها في تدبير ثروتها حتى صارت ألعوبة في أيدي الوكلاء دون أن تقدر أن تحمي نفسها ولقد حرم أطفالها من الهواء النفي أو كانوا يلعبون دون رقابة حتى فقدت الأمهات أطفالها والحجاب تأثير على صحتها لحرمتنها من الهواء النقي و الرياضة فزاد في بؤسها فكانت تدعي أن الصالحين طلبوا زيارتها وعقد النذر لهم لسنح الفرصة في الفسحة• وهو يشرح لنا كيف أن الاحتكاك بالحضارة الغربية أدى إلى السفور الذي كان سببا في انتشار الفجور للاختلاط بالأوربيين وقاتلا للشبان الأحياء بالعاطفة وذاهبا باستعدادهم للمستقبل لما يثيره فيهم من الشهوة إضافة إلى القضاء على صناعة النسيج بعد أن غمر النسيج الأوربي البلاد •
ويؤكد طاهر حداد في الجزء الأخير من الكتاب على أهمية تعليم وتربية المرأة حظها حظ الرجل في ذلك فحرمانها من التعليم يوسع الهوة بينها وبين الرجل المتعلم ويبعدهما عن الاتفاق في بناء حياة مشتركة بمعناها الصحيح فالتعليم حاجة أساسية للإنسان آو سيبقى جاهلا عاطلا غبيا يعيش تحت امرأة وسيادة نصفه الأخر وهو حقها الطبيعي ومن الظلم حرمانها منه بدافع الأنانية والشهوة الغالبة فالتعليم سيساعدها في القيام بوظيفتها المنزلية والعمرانية عل أحسن وجه •

ستكون المرأة مصدر الروح القومي لأبنائها إذا ما تعلمت أصل دينها وتاريخ وطنه ولغته •تعلم العلوم الرياضية والطبيعية سيثقف عقلها بالمنطق ومعرفة الأشياء على حقيقتها وستعكس هذا النور على أطفالها وتكون لهم عونا في نضوجهم العقلي والنفسي كما أن تعلم الرياضة البدنية سيعين على شحنها بنشاط معنوي وإذا تعلمت مبادئ الصحة ستهتم بعائلتها ولن تنخدع بإرشادات الجاهلين أما فن التربية فسيساعدها في خلق جيل نقي عقلا و روحا • و يرى الحداد أيضا أن في تعليمها فن تدبير المنزل خيرا كثيرا على عائلتها إذ ستصبح عونا في تنمية ثروة المنزل المشترك بدلا ا تكون ثقلا على الأب •
ويحض الطاهر الحداد على تربية المرآة وصقل مواهبها وعاطفتها حتى لا تموت تحت تأثير الحياء الشرقي الذي اخمد في المرأة روحها عن الإشعاع واخرس ملامحها عن النطق كما يجب تهذيبها عاطفتها الغير مثقفة فتكون قادرة على إنشاء أطفال قادرين على الانتصار على
فيهم من قوي جسمانية ومعنوية “وما العلم إلا سلاح يحتاج إلى روح وإرادة يستعملانه للظفر بالحياة مهما تعسرت طرقها وعظمت تكاليفها ”
يعد كتاب “امرأتنا في الشريعة والمجتمع “مشروعا إصلاحيا تنويريا تم طمسه ونبذ وتكفير صاحبه من قبل المشايخ المحافظين وذوي الرؤية المتشددة لما فيه من تهديد لمصالحهم فاختار الحداد العزلة إلى أن توفي ولم يسر في جنازته سوى نفر قليل من أصدقائه إلى أن جاء الاستقلال وحولت أفكاره إلى قوانين مجلة الأحوال الشخصية في 13 أوت 1956 التي سن فيها قوانين للأسرة ومن أهمها منع تعدد الزوجات وجعل الطلاق بيد المحكمة عوضا عن الرجل •

2 thoughts on “قراءة نقدية في كتاب امرأتنا في الشريعة و المجتمع للطاهر الحداد

Your comment is a treasured gift